ها هو رمضان قد ودّعنا ،ولا نعلم إن كان سيُكتب لنا لقائه العام المُقبل ..
مرّت أيّامه بسرعة بالغة فلا ندري إن كنا أحسنا اغتنامها أم مضت كغيرها لا تنفع للزاد والحساب !
والناس في لحظات أيّام ما بعد رمضان، يختلفون بمشاعرهم وأحاسيسهم وأفكارهم وحتّى أمنياتهم ..
.فمنهم من هو فرح بانقضاء رمضان ليأكل ويشرب ويتمتع بشهواته كيفما شاء وأراد ، ..
. ومنهم من هو متحسّر على انتهاء الحملة الإعلامية المشوّقة التي تبنّتها القنوات الفضائية من فوازير ومسلسلات
ومسابقات ونيته أن يعوض ما لم يُمكنه وقته من مشاهدته في رمضان إلى ما بعد رمضان كي لا يُفوّت عليه شيء ، ..
ومنهم من يأسف على انتهاء الموسم التجاري الرمضاني الذي أدرّ عليه الربح الوفير ويفكّر
بكيفية انتهاج الطرق التي تُضاعف أرباحه رمضان القادم ، ..
.ومنهم من تختلط فرحته بفطره بقلقه ان لا يكون قد تُقبّل منه رمضان وبأسفه على عدم اغتنامه أكثر،
وبخوفه أن لا يعود عليه رمضان جديد ..
وهذا الصنف الأخير هو الذي علينا أن نحتذي بهم ونقتدي بأثرهم ، فحالهم يُذكّرنا حال سلفنا الصالح
الذين كان لهم في وداع رمضان أحوال مؤثرة تدلّ على قوّة إيمانهم وصدقهم في التزود لآخرتهم ..
وإن أردنا معرفة كيف كانت أحوالنا في رمضان .. فلننظر إلى أعمالنا بعد انقضائه ! ..
هل ما زالت الهمّة قويّة للحفاظ على الصلاة ونوافلها !! هل ما زال قيام الليل مُحبب إلينا وتركه صعب علينا !!
هل ما زال الإحسان للناس والرفق بهم من صفاتنا !! ..
وهل زاد اهتمامنا بأحوال أمتنا وتوحيد صفوفها وشأنها كما كنّا نتّحد بالصيام والصلاة والدعاء في رمضان !!
كل هذه الأمور تُظهر لنا جدّية عِبادتنا وحقيقة سعينا لرضى الله والفوز بجنانه جلّ في علاه ..
فيا أخيتي كوني من أصحاب الهمم العالية ، وخُذي بنفسكِ وبمن حولكِ وانتهجي طريق الحق والصواب ،
ولتعلمي إن صدقتِ النيّة مع الله فسيعينكِ ويُسدّد خُطاكِ ..
وتذكّري أن الحسنة تجرّ أختها ، فإن بدئت يوماً مّا بحسنات قليلة ستكون لكِ بإذن الله مع الداوم عليها كثيرة كثيرة ..
وكلّما تقرّبتِ إلى الله أكثر ، قلّت معاصيكِ وأصبح إقبالكِ على الخير أكبر ،
فهيّا إلى طلب العُلى فالجزاء غالي ويستحق التضحية ، إنّه خلود ونعيم يطيب لصاحبه في جنّة المأوى .
تقبّل الله منا ومنكم وصلّى اللهم على أشرف الخلق محمد وعلى آله وصحبه وأمته وسلّم تسليما كثيرا